المقارنة على مواقع التواصل الاجتماعي: الحقيقة الخفية

المقارنة على مواقع التواصل الاجتماعي

في زمن أصبحت فيه الهواتف الذكية امتدادًا لأيدينا، ومواقع التواصل جزءًا من يومنا، ظهرت ظاهرة خطيرة تتسلل بهدوء إلى حياتنا: المقارنة الاجتماعية.
نحن نعيش في عالم يعج بالصور المعدلة، والابتسامات المصطنعة، والحياة "المثالية" التي يعرضها الآخرون، فكيف لا نقارن أنفسنا بهم؟ لكن السؤال الحقيقي هو: إلى أي مدى تؤذينا هذه المقارنة؟

ما المقصود بالمقارنة الاجتماعية على وسائل التواصل؟

المقارنة الاجتماعية هي ميلنا الطبيعي لمقارنة أنفسنا بالآخرين. لكن في سياق وسائل التواصل، يصبح هذا الميل أكثر حدةً وخطورة. فكلما مررنا إصبعنا على الشاشة، نرى أشخاصًا نعتقد – ولو لاشعوريًا – أنهم "أفضل" منا: أكثر نجاحًا، أكثر سعادة، أكثر جمالًا...

ومع التحديثات المستمرة لتطبيقات مثل إنستغرام، فيسبوك، سنابشات وتيك توك، تزداد فرص المقارنة وتزداد معها الآثار النفسية السلبية مثل:

  • الاكتئاب
  • القلق
  • تدني احترام الذات
  • اضطرابات صورة الجسد
  • اضطرابات الأكل

لماذا تؤثر هذه المقارنة على صحتنا النفسية؟

حين ترى شخصًا يعيش حياة تبدو مثالية – مليئة بالسفر، أو الجمال، أو الإنجازات – يبدأ عقلك الباطن في مقارنة ما تراه بما تملكه أنت.
النتيجة؟ شعور بالنقص، الحزن، وأحيانًا الإحباط.

حتى نظرة سريعة على صورة "جسم مثالي" أو "نجاح كبير" قد تكفي لتشعرك بأنك لا تستحق، بأنك متأخر، أو أنك لست كافيًا. وهذه المشاعر حقيقية ومؤلمة.

كيف تؤذينا المقارنة الاجتماعية؟

كيف تؤذينا المقارنة الاجتماعية؟
1. الاكتئاب
الشعور بالحسد أو النقص تجاه منشورات الآخرين مرتبط بشكل مباشر بزيادة معدلات الاكتئاب، خصوصًا عند المراهقين.
2. ضعف الصورة الذاتية
مستخدمو وسائل التواصل بكثافة (أكثر من 5 ساعات يوميًا) أظهروا انخفاضًا في تقدير الذات وزيادة في التفكير السلبي.
3. اضطرابات صورة الجسد
سواء كنت رجلًا أو امرأة، فإن التعرض المستمر للصور المعدلة والمثالية يخلق تصورًا مشوهًا عن الجمال ويؤثر على احترامك لذاتك.
4. اضطرابات الأكل
الوقت الطويل على مواقع التواصل يرتبط برغبة أكبر في تغيير شكل الجسم باستخدام حميات قاسية أو منتجات مضرة – غالبًا ما يتم الترويج لها من قبل مؤثرين يستخدمون صورًا معدلة وغير واقعية.

من الأكثر تأثرًا بهذه المقارنات؟

رغم أن الجميع معرضون لتأثير المقارنة، فإن المراهقين والشباب هم الأكثر هشاشة نفسيًا، لأنهم في مرحلة بناء الهوية.
وسائل التواصل تمنحهم مساحة لخلق صورة "مثالية" عن أنفسهم، وتغذي حاجتهم للشعور بالانتماء من خلال الإعجابات والتفاعلات.
لكن في المقابل، هم الأكثر عرضة للشعور بالرفض أو الفشل إذا لم يحققوا التفاعل المرجو.

هل الفتيات أكثر عرضة للخطر؟

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي

تشير الأبحاث إلى أن الفتيات قد يتأثرن أكثر، بسبب التركيز الإعلامي على الجمال المثالي، والإعلانات المستهدِفة، والفلترات التي تخلق معايير غير واقعية.
يضاف إلى ذلك التنمر الإلكتروني، الذي ينتشر بشكل خاص بين الفتيات، ويزيد من التوتر النفسي والضغط الداخلي.

كيف تعرف أنك ضحية للمقارنة على وسائل التواصل؟

  • هل شعرت يومًا بالحزن بعد تصفحك إنستغرام؟
  • هل قارنت نفسك بجسم، أو وظيفة، أو حياة أحدهم وشعرت بالنقص؟
  • هل أصبحت تنفق وقتًا طويلًا في التفكير في ما ليس لديك بدلًا مما تملك؟

إذا كانت إجابتك "نعم"، فأنت في حاجة للتوقف وإعادة التوازن.

خطوات لحماية نفسك من المقارنة السلبية

  1. راقب المحفزات: حدد الحسابات التي تشعرك بالسوء وقم بإلغاء متابعتها.
  2. تذكّر أن ما تراه ليس حقيقيًا: الناس ينشرون الأفضل فقط، وليس الواقع الكامل.
  3. مارس الامتنان: كل يوم، اكتب 3 أشياء أنت ممتن لوجودها في حياتك.
  4. قلل من استخدام وسائل التواصل: خصص أوقاتًا محددة، أو استخدم تطبيقات للتحكم في الوقت.
  5. تابع محتوى إيجابي: اتبع من يلهمك ويدعمك، وليس من يشعرك بالنقص.

كيف تساعد صديقًا يتأثر بالمقارنة الاجتماعية؟

كيف تساعد الاخر على تجاوز التاثر بالمقارنة الاجتماعية؟

إذا لاحظت أن صديقك مهووس بالإعجابات، أو يعاني من التنمر الإلكتروني، أو يحاول تقليد مؤثرين بشكل مضر، تحدث معه.
أكد له أن قيمته لا تُقاس بتفاعل رقمي، وأن وجوده مهم في حياتك. شاركه ما تعلمته، وساعده على إعادة تنظيم تجربته الرقمية.

في الختام: مواقع التواصل ليست العدو... لكن الحذر واجب

ليست مواقع التواصل هي أصل المشكلة، بل الطريقة التي نستخدمها بها. إذا كنت تعاني من تدنٍ في احترام الذات أو ضعف في صورة جسدك، فأنت أكثر عرضة لتأثيراتها.
احمِ نفسك، واطلب الدعم إن شعرت أن الأمور خرجت عن السيطرة.

المــــــــــــراجـــــع: 

 -  وسائل التواصل والوحدة النفسية
 دراسة من JAMA Psychiatry (2017)
كشفت أن الشباب الذين يستخدمون وسائل التواصل بكثرة يشعرون بوحدة وعزلة أكبر، رغم أنهم محاطون بـ"الآخرين" طوال الوقت. كل مقارنة نعيشها تسرق جزءًا من اتصالنا الحقيقي بأنفسنا.
🔗 رابط الدراسة
 - منشورات الآخرين قد تدفعك للاكتئاب
 من Journal of Social and Clinical Psychology (2015)
حين نرى فقط "اللحظات المثالية" في حياة الآخرين على فيسبوك، نبدأ بمقارنة حياتنا الحقيقية بها، فنهوي في دوامة من الحزن وفقدان التقدير للذات.
🔗 رابط الدراسة
 - الفلاتر تجرح أكثر مما تُجمّل
 دراسة من Current Opinion in Psychology (2021)
تشرح الدراسة كيف تؤثر الصور المثالية والمعدّلة على إنستغرام في نظرتنا لأجسادنا، وخصوصًا لدى النساء والمراهقات. نحن نقارن أنفسنا بما هو غير حقيقي... ونخسر ثقتنا شيئًا فشيئًا.
🔗 رابط الدراسة
-  كل دقيقة إضافية قد تكلفك صحتك النفسية
 بحث منشور في Depression and Anxiety Journal (2016)
أكدت الدراسة أن قضاء أكثر من ساعتين يوميًا على وسائل التواصل يزيد احتمالية الاكتئاب، وخصوصًا عند الشباب الذين يربطون قيمتهم بعدد الإعجابات والمتابعين.
🔗 رابط الدراسة
 - المقارنة تسرق منك نفسك
 دراسة من Mass Communication and Society (2018)
تُظهر هذه الدراسة كيف أن المقارنة الاجتماعية عبر وسائل التواصل تؤدي إلى تآكل احترام الذات ببطء، وتخلق فراغًا داخليًا يصعب ملؤه، خاصة لدى المراهقين.
🔗 رابط الدراسة


تعليقات